سورة هود - تفسير تفسير البيضاوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (هود)


        


{وَهِىَ تَجْرِى بِهِمْ} متصل بمحذوف دل عليه {اركبوا} فركبوا مسمين وهي تجري وهم فيها. {فِى مَوْجٍ كالجبال} في موج من الطوفان، وهو ما يرتفع من الماء عند اضطرابه كل موجة منها كجبل في تراكمها وارتفاعها، وما قيل من أن الماء طبق ما بين السماء والأرض وكانت السفينة تجري في جوفه ليس بثابت، والمشهور أنه علا شوامخ الجبال خمسة عشر ذراعاً وإن صح فلعل ذلك قبل التطبيق. {ونادى نُوحٌ ابنه} كنعان، وقرئ: {ابناها} و{ابنه} بحذف الألف على أن الضمير لامرأته، وكان ربيبه وقيل كان لغير رشدة لقوله تعالى: {فَخَانَتَاهُمَا} وهو خطأ إذ الأنبياء عصمن من ذلك والمراد بالخيانة الخيانة في الدين، وقرئ: {ابناه} على الندبة ولكونها حكاية سوغ حذف الحرف. {وَكَانَ فِى مَعْزِلٍ} عزل فيه نفسه عن أبيه أو عن دينه مفعل للمكان من عزله عنه إذا أبعده. {يابنى اركب مَّعَنَا} في السفينة، والجمهور كسروا الياء ليدل على ياء الإِضافة المحذوفة في جميع القرآن، غير ابن كثير فإنه وقف عليها في (لقمان) في الموضع الأول باتفاق الرواة وفي الثالث في رواية قنبل وعاصم فإنه فتح هاهنا اقتصاراً على الفتح من الألف المبدلة من ياء الإِضافة، واختلفت الرواية عنه في سائر المواضع وقد أدغم الباء في الميم أبو عمرو والكسائي وحفص لتقاربهما. {وَلاَ تَكُن مَّعَ الكافرين} في الدين والانعزال.


{قَالَ سَآوِى إلى جَبَلٍ يَعْصِمُنِى مِنَ الماء} أن يغرقني {قَالَ لاَ عَاصِمَ اليوم مِنْ أَمْرِ الله إِلاَّ مَن رَّحِمَ} إلا الراحم وهو الله تعالى أو الإِمكان من رحمهم الله وهم المؤمنون، رد بذلك أن يكون اليوم معتصم من جبل ونحوه يعصم اللائذ به إلا معتصم المؤمنين وهو السفينة. وقيل لا عاصم بمعنى لا ذا عصمة كقوله: {فِى عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ} وقيل الاستثناء منقطع أي لكن من رحمه الله يعصمه. {وَحَالَ بَيْنَهُمَا الموج} بين نوح وابنه أو بين ابنه والجبل. {فَكَانَ مِنَ المغرقين} فصار من المهلكين بالماء.


{وَقِيلَ ياأرض ابلعى مَاءكِ وياسماء أَقْلِعِى} نوديا بما ينادي به أولو العلم وأمرا بما يؤمرون به، تمثيلاً لكمال قدرته وانقيادهما لما يشاء تكوينه فيهما بالأمر المطاع الذي يأمر المنقاد لحكمه المبادر إلى امتثال أمره، مهابة من عظمته وخشية من أليم عقابه، والبلع النشف والإِقلاع والإِمساك. {وَغِيضَ الماء} نقص. {وَقُضِيَ الأمر} وأنجز ما وعد من إهلاك الكافرين وإنجاء المؤمنين. {واستوت} واستقرت السفينة. {عَلَى الجودى} جبل بالموصل وقيل بالشام وقيل بآمل. روي أنه ركب السفينة عاشر رجب ونزل عنها عاشر المحرم فصام ذلك اليوم فصار ذلك سنة. {وَقِيلَ بُعْدًا لّلْقَوْمِ الظالمين} هلاكاً لهم يقال بعد بعداً وبعداً إذا أبعد بعداً بعيداً بحيث لا يرجى عوده، ثم استعير للهلاك وخص بدعاء السوء، والآية في غاية الفصاحة لفخامة لفظها وحسن نظمها والدلالة على كنه الحال مع الإِيجاز الخالي عن الإِخلال، وفي إيراد الأخبار على البناء للمفعول دلالة على تعظيم الفاعل، وأنه متعين في نفسه مستغن عن ذكره، إذ لا يذهب الوهم إلى غيره للعلم بأن مثل هذه الأفعال لا يقدر عليها سوى الواحد القهار.

5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12